كلمة رئيس الجمعية نشاطات الجمعية متفرقات وصفات معلومات عامة ومفيدة
لمحة تاريخية عن سورية المدن السورية الأبجدية الأولى التسلسل الزمني للحضارات معلومات عامة ومفيدة

 

 

مداخلة السيد بيير أنطاكي،ضمن ورشة عمل مهرجان طريق الحرير، بطرطوس - سورية  في 28 أيلول 2004

مداخلة السيد بيير أنطاكي، أمين سر الجمعية السورية لذواقي الطعام ضمن ورشة عمل مهرجان طريق الحرير، بطرطوس - سورية  في 28 أيلول 2004

 

اليوم، لي الشرف العظيم في أن أشارك في إحياء هذه الندوة وأن أرفع صوتاً متواضعاً باسم الجمعية السورية لذواقي الطعام وأقول أنّ هذا الطريق القديم الأسطوري لم ينقل خيوط وأقمشة الحرير فحسب بل أنواعاً كثيرة من سلع ومواد غذائية وكتب وتقاليد.

 

طريق الحرير ذو ذاكرة قديمة وعريقة عبرت الأجيال والأيام وهي تحمل دوماً فكرة التبادل والإخاء. سارت قوافل الزمان وهي تتجول شرقاً وغرباً بين مدن متألـّـقة، وكم منها في سورية، مثل: واحة تدمر وايميزيا - حمص وطرطوس وحلب وأنطاكية وغيرها.. ومن خلال هذه الجوّلات الصعـّبة والمرهقة كانت القوافل لا تؤمـّن التبادل التجـّاري فقط، بل وتقيم علاقات متينة بين شعوب مختلفة العادات والتقاليد والثقافات والديانات أسسها الحوار بين الأمم.

 

أما في سرد التاريخ، فقد كتب المؤرّخون عن الأعجوبة الإغريقيـّة والأعجوبة الرومانيـّة ومن بعد ذلك، بحثوا في الأعجوبة العربيـّة وأقرّوا أنّ العرب استفادوا من كل من سبقهم وحتـّى في الطبخ ولكنـّهم طوّروا وحسـّـنوا كلّ ما أخذوه، فهم الذين خلقوا جنــّات بابل وأدخلوا من أفريقيا إلى المتوسـّط البرتقال والدرّاق والخوخ والمشمش والأرضي شوكي وغيرها. والكلّ يعرف تأثير حضارة بلاد الشام على أوروبا التي كانت تعيش أياماً سوداء عندما وصلت إليها حضارتنا.

 

كانت مادة السكر تستخرج من قصب السكر المتواجد في الهند والصين آنذاك واستورده العرب إلى دول سورية وفلسطين ومصر حين زرعوه وقاموا بتطوير استخراج مادة السكر منه. ثم بدؤوا بتصدير السكـّر في القرن التاسع إلى اسبانيا وجزر المتوسـّط والبندقيـّـة. ومن الجدير ذكره هنا أن كلمة سكـّر في لغات بلدان حوض البحر الأبيض المتوسـّط هي مشتقـّـة من كلمة سكـّر العربية.

 

أمـّـا الأرز فعرفه سكان ما بين النهرين منذ أقدم العصور ولا يزال حتـّى اليوم من المأكولات اليوميـّة.

وفي الأندلس اشتهرت الـ Paella ، والتسمية من العربيـّة بمعنى "بقايا" وهي طبق يؤكل يوم الأحـّد ويتألـّـف من كلّ بقايا الأسبوع من دجاج ولحم وسمك مطبوخة جميعها مع الأرز.

وكذلك المرصبـّان عرف أيضاً باسم "حلوى الحرملك"، ولد في بلادنا وكان يصنـّع حصراً لمائدة الخلفاء ومن ثمّ تمّ تعميمه و"تصديره" إلى جميع أنحاء العالم عبر القوافل، وطريق أندلسيا، والصليبيين وبواخر البندقيين.

 

ونظراً لضيق الوقت، لا يسعني هنا الإسهاب في التحدّث بالتفـّصيل عن تاريخ كلّ مادة من المواد الأخرى التي بدون شكّ توازي أهميـّة تلك المواد التي تحدّثت عنها أعلاه. ولكن، مما سبق، يمكننا التأكيد أنّ العديد من الوصفات والمأكولات من مطبخنا موجودة في مطبخ دول المتوسـّط مع بعض الفروقات، وهذه عائدة إلى إعداد الوصفة وفق ذوق أهل البلد أو المنطقة وتوفـّر أو عدم توفـّر المواد الأولية فيها. أعيد وأكرر أن قوافل طريق الحرير لم تنقل سلعاً فقط، لا بل عادات وتقاليد في جميع المجالات، منها الطبخ.

 

قوافل الحرير تسير دوماً، قوافل العطور تفوح دوماً، قوافل الدهر لا تفنى في مخيـّلة الشاعر والتـّاجر والمسافر فهي تبادل ومعرفة وتذوّق واكتشاف وحوار وعودة. وان ابتعدت في أعماق الزمان، فها هي تعود محمـّـلة بطيـّـبات وطيب وتبقى دوماً الذوق والتذوّق والأمل.

© الجمعية السورية لذواقي الطعام